مطلب في التعريف اللغوي والاصطلاحي : آل البيت أهل الرجل ، والتأهل : التزويج قاله الخليل(1) وأهل البيت : سكانه ، وأهل الإسلام : من يدين به(2)
أما الآل : فجاء في معجم مقاييس اللغة قوله : آل الرجل : أهل بيته(3)
وقال ابن منظور : " وآل الرجل أهله ، وآل الله ورسوله : أولياؤه ، أصلها ( أهل ) ثم أبدلت الهاء همزة ، فصار في التقدير ( أأل ) فلما توالت الهمزتان أبدلت الثانية ألفاً "(4) وهو لا يضاف إلاّ فيما فيه شرف غالباً فلا يقال ( آل الحائك ) خلافاً لأهل ، فيقال : أهل الحائك . وبيت الرجل داره وشرفه(5) ، وإذا قيل البيت انصرف إلى بيت الله الكعبة لأن القلوب قلوب المؤمنين تهوي إليه ، والنفوس تسكن فيه ، وهو القبلة ، وإذا قيل أهل البيت في الجاهلية انصرف إلى سكانه خاصة ، وبعد الإسلام إذا قيل أهل البيت فالمراد آل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-(6) .
ما المراد بآل الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -
اختلف العلماء في تحديد آل بيت الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - على أقوال ، أشهرها :
1- هم الذين حرمت عليهم الصدقة . قاله الجمهور .
2- هم ذرية النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وزوجاته ، واختاره ابن العربي في أحكام القرآن وانتصـر لـه ومن القائلين بهذا القول من أخرج زوجاته .
3- إن آل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هم أتباعه إلى يوم القيامة وانتصر له الإمام النووي في شرحه على مسلم ، وكذلك صاحب الإنصاف ، ومن العلماء من حصره في الأتقياء من أتباع المصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم - ، والراجح القول الأول .
سؤال : من هم الذين حرموا الصدقة ؟؟
هم بنو هاشم وبنو المطلب ، وهذا الراجح ، وبه قال الجمهور ، ومن العلماء من قصره على بني هاشم فقط دون بني المطلب .
والمراد بآل الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - عند الشيعة الإمامية الاثني عشرية هم الأئمة الاثني عشر فقط دون غيرهم ولهم تفصيلات وتفريعات ليس هنا محل بسطها فإن الخلاف بين فِرَقهم كبير في هذه المسألة ولأجلها حصل التفرق . ( راجع كتاب فرق الشيعة للنوبختي ) .
عقيدة أهـل السنة في آل الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -
لا تكاد تجد كتاباً من كتب العقيدة التي فيها شمول لمسائل الاعتقاد وإلا وتجد فيها النص على هذه المسألة وذلك لما لها من أهمية فجعلها العلماء من مسائل الاعتقاد وكتب فيها العلماء رسائل مستقلة لأهميتها .
وخلاصة الكلام في عقيدة أهل السنة ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية ورسالته مختصرة جداً ، ومع ذلك قال فيها رحمه الله : ويحبون أهل بيت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم– ويتولونهم ، ويحفظون فيهم وصية رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - حيث قال يوم غدير خم : " أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي "(7) وقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أيضاً للعباس عمه وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفوا بني هاشم : " والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي "(
، وقال : " إن الله اصطفى بني إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل كنانة واصطفى من كنانة قريشاً واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم "(9)ا .هـ
وأكتفي بهذا النص عن إمام يرى كثير من الشيعة أنه من أشد أهل السنة عدواة لهم لأجل كتابه منهاج السنة وهو في الرد على ابن المطهر الحلي .
وتفصيل حقوقهم على النحو الآتي :
أولاً : حق المحبة والموالاة
أيها القارئ الكريم : لا يخفى عليك بأن محبة كل مؤمن ومؤمنة واجب شرعي وما سبق ذكره من محبة وموالاة آل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - .فهذه محبة وموالاة خاصة لا يشاركهم فيها غيرهم ، لقوله – صلى الله عليه وآله وسلم – ( لقرابتي ) . أما الأولى التي لله وهي الأخوة الإيمانية والموالاة فهذه للمسلمين عامة ، فإن المسلم أخو المسلم فتشمل جميع المسلمين بما فيهم آل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وجعل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لقرابته محبة خاصة بهم لأجل قرابتهم من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال الله تعالى : { قل لا أسائلكم عليه أجراً إلا المودة في القربى } [الشورى 23] . وهذا معنى الحديث السابق على المعنى الصحيح في الآية لأن من المفسرين من قال : تحبونني لقرابتي فيكم . لأن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - له قرابة بجميع بطون قبائل قريش ، المقصود أن محبتهم وموالاتهم وتوقيرهم : لأجل قرابتهم لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ثابتة وهي غير الموالاة العامة لأهل الإسلام .
ثانياً : حق الصلاة عليهم
وكذلك الصلاة عليهم قال الله تعالى : { إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } [الأحزاب 56]
روى مسلم في صحيحه عن أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه - قال : " أتاني رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشر بن سعد أمرنا الله تعالى أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك ؟ قال : فسكت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، حتى تمنينا أنه لم يسأله ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : قولوا اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمد ، وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم في العالمين ، إنك حميدٌ مجيد ، والسلام كما قد علمتم "(10) . ومثله حديث أبي حميد الساعدي المتفق عليه والأدلة على ذلك كثيرة ، قال ابن القيم رحمه الله : إنها حق لهم دون سائر الأمة ، بغير خلاف بين الأئمة . ا .هـ(11) وهذا في الصلاة الإبراهيمية .
ثالثاً : حق الخمس
وكذلك لهم الحق في الخُمس قال الله تعالى { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل } [الأنفال 41] . والأحاديث كثيرة وهذا سهم خاص بذي القربى ، وهو ثابت لهم بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو قول جمهور العلماء ، وهو الصحيح (12) .
فائدة : الحقوق كثيرة ، وأشرنا إلى أهم تلك الحقوق ، ويستحقها من ثبت إسلامه ونسبه فلا بد من ذلك ، ولا بد من حسن العمل .
وكان رسولنا - صلى الله عليه وآله وسلم - يحذر من الاعتماد على النسب وفعل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في مكة في القصة المشهورة لما قال عليه - الصلاة و السلام - : " يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم من الله شيئاً ، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئاً ، يا صفية عمة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لا أغني عنك من الله شيئا ، يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئتِ لا أغني عنك من الله شيئاً " رواه البخاري ، ومعلوم ما نزل في أبي لهب نعود بالله من النار .