حصن الـــفــــلــس التاريخي
قبل عدت سنوات تمت إعادة بناء حصن الفَلس بالطرف الشرقي لمدينة سيئون وقد تم إعادة إعمارة بنهاية العام 2005م وهي الخطوة الأولى في استعادة المآثر ذات الصبغة العسكرية الدفاعية التي بنيت من أجلها هذه الحصون الصغيرة على امتداد المرتفعات الشمالية والجنوبية بوادي حضرموت، و يعود معظمها الى ظهور الدولة الكثيرية الحضرمية الأولى قبل أكثر من خمسة قرون مضت وعدد منها مع ظهور الدولة القعيطية وجزء آخر بنيت قبل ظهور الدولتين. تلك الحصون ( الأكوات والقلاع ) تتفاوت أحجامها لتتوافق والمهمة التي أنشئت من أجلها إلا أن جميعها تحكي تسجيلاً لمراحل تاريخية مرت بها المنطقة وأحداث كهمة جرت بين جنبات وسراديب ومحيط هذه الاكوات والقلاع.
الحصن قبل الترميم
وحصن الفلس يقع على تلة صخرية كبيرة كجبل صغير انفصل عن الجبل الأكبر الذي يحمي سيئون من الشرق ويشرف على أجمل أحياء المدينة (حي القرن) الذي تغنى به الشعراء واصفين جمال بساتينه.
بني حصن الفلس نحو القرن العاشر الهجري واعتبره السلاطين من آل كثير قلعة تصد الطامعين عن سيئون كما تصف روايات أن القبائل اليافعية التي استولت على سيئون في مرحلة ما بعد انهيار الدولة الكثيرية الأولى وحتى قبيل الدولة الكثيرية الثانية اعتبرته حصناً دفاعياً .. أضحى الحصن خرابة منذ ما يزيد على ستة عقود أو أكثر، في سبعينات القرن الماضي تغنى شعراً الشاب المرحوم عمر عوض بارمادة فخراً بهذا الحصن الذي يشرف على حيه قائلاً :
عزوك ياحصن الفلس
ردوك لاصف المآثر
ألقوا لحيطانك ملس
من بعد ماقد كنت داثر
وتفننوا كُلٍ نقش برع وداخل في السقوف
فهل التقطت الجهات المسؤولة الحكومية ذلك البيت الشعري لتعيد الحصن إلى شموخه وعزته، أم أن الشاعر بارمادة - رحمه الله - كان يقرأ في حينه أن الأيام القادمة سوف تأتي بمن يعرف كيف يعيد التاريخ في صورة إحياء المآثر ولعل حدس ذلك الشاعر الشاب يصيب وإن كان بعد موته بأكثر من ثلاثين عاماً .. وصدرت توجيهات الأخ / عبد القادر علي هلال محافظ محافظة حضرموت الأسبق مبنية على توجيهات فخامة رئيس الجمهورية الأخ / علي عبدالله صالح بالاهتمام بالآثار الدالة على كثير من فصول التاريخ اليمني واعتمد المجلس المحلي بمحافظة حضرموت 14.800 مليون كتمويل لهذا المشروع وعمل فرع الهيئة العامة للآثار والمخطوطات والمتاحف على إعداد الدراسات والتصاميم والتوثيق للشروع في العمل.
ويؤكد أ.عبد الرحمن حسن بن عبيد الله السقاف أن إعادة وتأهيل هذا الحصن مسألة وطنية بالدرجة الأولى تؤكد على مدى الاهتمام الحكومي بمثل هذه المآثر وإعادة النشاط إليها بعد أن تصبح موقعاً للنشاط الثقافي التاريخي والسياحي ووضعت خطة لكيفية استغلال هذا الموقع للصالح العام .
وأضاف السقاف:«هذه الانطلاقة الأولى نحو ترميم وصيانة عدد من المواقع والحصون بوادي حضرموت ومنها الذي اندثر، وكما تابعتم فقد شاهدتم أن حصن (الفلس) قبل شهور أطلال واليوم بدأت تتضح الصورة ليعود كما كان عليه ويعمل في بنائه خبرات محلية تجيد أعمال البناء الطيني. ولا يفوتني أن أشكر اهتمامات السلطة المحلية بالمحافظة والوادي لمتابعتها المستمرة لكل مراحل إعادة البناء لهذا العلم التاريخي».
حلم شاعر شاب انتقل إلى رحمة الله هو حلم للجميع أضحى حقيقة، فبعد الخراب والاندثار ثار شامخاً وبهمة (حصن الفلس) ليحكي اليوم قصصاً من التاريخ وأحداث الصراع والتلاق التي مرت بها مدينة سيئون التي كانت يوماً عاصمة إحدى سلطنات حضرموت.