الحلقه الاولى من اربع حلقات
المهاجرون الحضارم وعلاقتهم بالوطن الاصلي.. ماقبل عام 1967م
قيل قديما لاتشرق الشمس على ارض الا وفيها حضرميا، فاذا كان ذلك في الماضي البعيد فيجدر بنا الان ان نقول لاتشرق الشمس على ارض ليس بها مئات الحضارم وذلك لاشك يدل على انتشار وهجرة الحضارم في مختلف ارجاء المعمورة منذ وقت مبكر.
وان كان ذلك قيل في وقت كانت حضرموت تمر بمرحله صعبه في تاريخها حيث كان الفقر والجهل والحروب بين القبائل منتشره مما كان احد الاسباب لحدوث تلك الهجرات القديمه ولكن ذلك لايمثل الحقيقه وحدها، فالهجرة الحضرمية طوال تلك السنين الكثيره وما احدثه الحضارم المهاجرون من نجاح في البلدان التي هاجرو اليها الى جانب التاثير الديني والاجتماعي والسياسي في تلك المجتمعات تجزم بان ثمة مزايا يتمتع بها الحضارم ميزتهم عن غيرهم من مختلف الجاليات في بلدان المهجر فقد تحلى الحضارمه بقدرة كبيرة على الاندماج في مجتمعات المهجر وتكيفوا معها كما انهم تفردوا ايضا بارتباطهم الوثيق بوطنهم الام وتواصلهم الدائم والمستمر مع اهلهم في حضرموت ولقد كان لذلك التواصل بين المهاجرين الحضارم واهلهم في حضرموت الاثر البالغ في اعانة السكان في حضرموت حيث كانت احوال الناس في حضرموت تتحسن باستمرار الدعم الحضرمي الخارجي لهم وتسيئ احوالهم عندما ينقص وحتى تنشأ بعض المجاعات وكانت احوال الناس في حضرموت تتغير بتغير احوال مهاجريهم وماحدث خلال الحرب العالميه الثانيه خير مثال على ذلك.(حدوث مجاعة في حضرموت خلال الحرب العالمية الثانية نتيجة لانقطاع التواصل بين المهاجرين الحضارم واهلهم في الداخل).
ولم يكن تاثير المهاجرين الحضارم على وطنهم الاصلي مقتصرا على الجوانب الاقتصاديه والخدماتيه والاجتماعية فقط بل امتد الى الجانب السياسي وهو الذي مهد الطريق للكثيري والقعيطي ليقيموا سلطنتيهما في حضرموت، وعلى مدى سنوات طويلة استطاع الحضارم القيام بتدبير شؤنهم وتحديد خياراتهم الدينيه والاقتصاديه والاجتماعيه والسياسيه برغم حدوث بعض الاختلافات في بعض المراحل ولكن سر قوتهم وتماسكهم يكمن في قوة شبكة الاتصال فيما بينهم في المهجر وكذلك مع اهلهم في وطنهم الام حضرموت حيث كانت الثقة والتعاون باديان للعيان بين مختلف الاسر والفئات الاجتماعية ولقد كان المهاجرين ملتزمين وسباقين لخدمة الوطن الام وحرصهم الدائم على تنميتة وازدهارة مبرهنين على ذلك بالدعم السخي اتجاه الداخل والذي لعب دورا محوريا في بقاء حضرموت كيانا قابلا للحياة كما كان يتمتع المهاجرون الحضارم بروح معنوية عاليه واحساس منقطع النظير بالمسؤلية كما كانوا حريصين ان يبقى اسم حضرموت عاليا ساعين باذلين جهودهم في سبيل ذلك.
اتجه الحضارم في بدايات هجراتهم الخارجيه صوب جنوب شرق اسيا (اندونيسيا. ماليزيا.سنغافورة) كما اتجه جزء منهم نحو شبة القارة الهنديه حيث نجحوا في الدعوة الى الاسلام كما حققوا نجاحات متميزة في ميادين التجارة والعلم والسياسة وكان لهم التاثير السياسي الواضح على الداخل الحضرمي وانشأو دولتين انذاك(السلطنه القعيطية والسلطنة الكثيرية) بتاثير مباشر واحيان اخرى غير مباشر من المهاجرين الحضارم.
اما الحضارمة المهاجرون في دول الخليج العربي (السعودية والامارات على وجه الخصوص حيث يوجد بهما اكبر الجاليات الحضرمية) فقد حققو نجاحات متميزة في الجوانب التجارية واخذ الكثير منهم جنسيات تلك الدول التي استوطنو فيها كما ان غالبيتهم من اهل وادي دوعن المعروفين بخبراتهم العريقة في عالم الاعمال وتمكنوا من اغتنام فرصة الطفرة النفطية التي شهدتها دول الخليج والسعودية بشكل خاص خلال عقد السبعينيات من القرن الماضي حيث كونوا ثروات مرموقة على المستوى الاقليمي والدولي . ومنهم بقشان وبن محفوظ والعمودي وبن لادن وغيرهم كثير.
وخلال السيتينيات والسبعينيات من القرن الماضي ومابعدها اصبح للمهاجرين الحضارم المغتربون في السعودية التاثير الاكثر على الداخل الحضرمي مع كون ذلك التاثير محدودا دونما اثر سياسي او اقتصادي واضح على المدى الطويل وذلك يرجع للتغيير الذي حصل في حضرموت بعد زوال السلطنتين القعيطية والكثيرية واصبحت محافظة حضرموت جزء من اليمن الجنوبي يحكمها نظام اشتراكي ماركسي لاشبيه له في الوطن العربي.
تاثير ذلك على المهاجرين الحضارم وبلدهم الام سيكون محور الجزء الثاني ان شالله تعالى.